<H1>مصمم ازياء لبناني يتحدى عالم الموضة بالملابس المستعملة الى جانب العروض الرئيسية لمشاهير المصممين في فعاليات قطاع الأزياء في بريطانيا، تجري عروض جانبية، في مناطق مختلفة من العاصمة البريطانية، لمصممين قد يعتبرهم البعض اقل شهرة، لكن تصاميمهم معروفة لدى الشبان والفتيات. فهي ملابس تثير الجدل والفضول معاً.
وأحد هؤلاء زياد غانم، مصمم ازياء لبناني الاصل مقيم في لندن، وهو يصمم للباحثين عن قطع غير عادية.
ولزياد تصاميمه المميزة وطرقه المبتكرة التي يستخدمها في صنع هذه التصاميم والعناوين المثيرة للجدل لعروضه.
القديم جديد ولع زياد في استخدام الملابس القديمة، واعادة تدويرها في تصاميم جديدة، بدأ قبل خمسة اعوام - قبل ان ينتبه لذلك كبار المصممين وتصبح جزءا من تقليعات عروض الازياء العالمية في الاونة الاخيرة.
فهي تحتل هذا العام موقع الصدارة في عدد من عروض اشهر المصممين، وذلك كمحاولة، قد تكون رمزية من العالم المترف، بسبب ضغوطات الازمة المالية، للتشجيع على عدم التبذير في الازياء كذلك، بالاضافة الى انتشار النقاش حول التغيرات المناخية والاحتباس الحراري وكيف يمكن لاي فرد منا ان يساهم في التعامل معها عملياً من خلال اعادة التدوير وهنا في هذه الحالة تدوير الملابس.
لعل شحة النقود هي التي دفعت زياد الى شراء ملابس قديمة، او "البالة"، من المحلات التابعة لمنظمات خيرية، مثل اوكسفام، في بداية مسيرته في عالم الازياء في لندن، قادما من بيروت، لكنه سرعان ما حولها الى فلسفة وماركة تجارية لازمت تصاميمه منذ ذلك الحين.
يقول زياد، ان خياره كان عمل شيء مختلف عن الاخرين، ويوضح : " كلنا لدينا خيارات في الحياة. انا لست بصدد انقاذ الكرة الارضية.
كل مافي الامر انني اعتقد من غير الضروري صنع اقمشة ومنسوجات جديدة في الوقت الذي يمكن فيه اعادة خلق قطع جميلة من مواد مستعملة، اعيد تدويرها بطرق لا تضر البيئة. هذا هو خياري".
يقول زياد، ان ما كان يسمى "البالة" في الشرق الأوسط وملابس المحلات الخيرية في الغرب، اصبح يسمى الان "فينتيج" في قاموس الموضة، اي قطع يحب الناس اقتناءها لأن لها ماضيا ومصنوعة بجودة عالية، ويضيف : لا شيء، مثلا، يضاهي قطعة من صنع ايدي مصمم الازياء فالانتينو، او ايف سان لوران، لأن الطريقة التي صنعت بها غير قابلة للتكرار، وهي التي ترفعها الى مصاف التحف.
لا يكتفي زياد باستخدام ملابس قديمة في تصاميمه، بل يعيد تدوير القماش نفسه، من خلال اعادة الاستخدام على نحو مختلف، في ملابس ذات تصاميم جديدة والوان صارخة واشكال غير مالوفة.
بنفس روح الدعابة والمهارة يمزج زياد في مجموعته بين نوعين من الموضة، المألوف، وموضة البانكس والشارع، او حسب وصفه "الموضة التي تثير حنق الوالدين ".
اضافة لذلك، استخدم زياد في مجموعته الجديدة تقنيات جديدة لاول مرة، حيث استخرج سائلا اسودَ شبيها بالحبر، من تذويب المطاط المستخرج من اطارات السيارات، واستخدمه في طبع نقوشات وزخارف على الملابس.
رؤية لكل هذه الاسباب يشتري بعض تجار الملابس والباحثين عن الازياء، الذين حضروا عروض مجموعة زياد، حتى ولو قطعة واحدة من مجموعته يعرضونها في فتريناتهم لجذب الزبائن، ولو كان ذلك يعني احيانا تقليص المشتريات من مصممين اخرين لغرض التوفير.
هذا ما قاله جوي هادلي الذي يملك محلا لبيع اخر الصرعات في موضة الشباب بحي سوهو في قلب العاصمة البريطانية.
ويضيف جوي ان ملابس زياد تثير الدهشة: " عندما يفحص المرء قطعة من مجموعته، ويرى تفاصيلها المحكمة والمبتكرة، يتساءل كيف عمل ذلك، وبأي طريقة نفذها ؟"
يجيب على هذا السؤال "احمد الشامي" ، فنان مكياج لبناني مقيم في لندن، شارك في عروض سابقة ؛ السبب يكمن برأيه في " الرؤية الشجاعة والسبّاقة " التي تتحلى بها تصاميم زياد وتميزه "عن مصممين اخرين ".
ولا تقتصر شعبية تصاميم زياد بين الشباب في اليابان وهونج كونغ بل في دول الخليج ايضا، مثل الكويت وقطر ودبي، حيث يسعى عدد منهم ، يزور العاصمة البريطانية خلال موسم الصيف، لشراء قطعة مميزة يعود بها لبلده"، كما قال جوي.
" مهاجرٌ " زادُه الخيال
"المهاجر " هو عنوان اخر مجموعات زياد لخريف وشتاء عام 2009 قدمها خلال اسبوع لندن للموضة . قد تكون لندن مكانا ملائما لانطلاق موضة الابتكار، من خلال اعادة استخدام الملابس المستعملة، وهي مكان ملائم للابداع كما يعتقد المصممون البريطانيون، لكنها كذلك انسب الاماكن لعرض ازياء "المهاجر"، لكون العاصمة البريطانية المكان الاكثر كثافة في المهاجرين داخل البلاد.
اختار زياد رموز حضارات العالم، مثل العربية والافريقية والاسيوية، في ملابس هاجرت من اصولها.
ويرى أن "المهاجر شخص يطوف العالم، سعياً لإيجاد موقع ما، وللأنسجام مع المحيط الذي يحل فيه.
فهو في بحث دائم عن وطن، يلتقط، في اثناء تطوافه، رموزا من الثقافات التي يحتك بها، وهو يغير ملابسه وشكله، لكن قد يصبح، في آخر المطاف، سخيفا او مدعاة للسخرية، في محاولاته هذه التي بها يهدف الى عكس الجديد الذي رأى.
ما اريد قوله للمهاجر: لا تغير نفسك. كن انت، فالوطن الذي عنه تبحث موجود فيك، في قلبك، تحمله معك حيثما مضيت."
وتجاوز زياد الحدود المتعارف عليها ايضا في اختيار العارضين. فهو خلافا لسائر المصممين، اختارهم من الشارع والاماكن العامة، شبابا وشابات التقى بهم في الباص او القطار، افرادا غرباء تجمعهم ملابس "مهاجر " يبحث عن وطن وسط هموم البيئة التي اصبحت حقيقة واقعة.</H1>