منتدى ملائكة القلوب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ملائكة القلوب

منتدى شامل ومنوع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تتمة قيس ولبنة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عمادعبد
عضو مميز
عضو مميز
عمادعبد


عدد الرسائل : 179
السٌّمعَة : 0
نقاط : 520
تاريخ التسجيل : 19/02/2009

تتمة قيس ولبنة Empty
مُساهمةموضوع: تتمة قيس ولبنة   تتمة قيس ولبنة Emptyالإثنين مارس 23, 2009 3:42 am

وساءت حال قيس، واعتلت صحته، وأصابه هزال وذهول شديدان، وأشار قومه على أبيه أن يزوجه عله ينسى حبه القديم.
وتزوج قيس كارها زواجاً لا سعادة فيه، وبلغ الخبر لبنى فتزوجت هي أيضاً زواجا لا سعادة فيه،
وتقول الروايات أن لبنى لما سمعت بإهدار دم قيس قبلت الزواج من رجل آخر وهو خالد بن حلزة، لكي تجبر قيسا على الابتعاد عنها وتحميه من القتل ، وأن قيسا تزوج بعد سماعه بزواج لبنى.
أيا كانت الروايات فلبنى فعلت ذلك وهي ما تزال تكن كل الحب لزوجها السابق قيس ، وقيس كان يعلم بذلك.
كان قيس يعرف أن لبنى تحبه بمقدار ما أحبها، فركب راحلته وذهب إلى خيام أهلها وهناك راح ينشد الشعر.
يقول قيس بن ذريح مصورا كيف يروض نفسه على الرضا بالحرمان الذي فرض عليه، والتشبث بالآمال الضائعة التي أفلتت منه :
إن تك لبنى قد أتى دون قربها ** حجاب منيع ما إليه سبيل
فإن نسيم الليل يجمع بيننا **ونبصر قرن الشمس حين تزول
وأرواحنا بالليل في الحي تلتقي ** ونعلم أنا بالنهار نقيل
وتجمعنا الأرض القرار، وفوقنا ** سماء نرى فيها النجوم تجول
إلى أن يعود الدهر سلما ** ترات بغاها عندنا وذحول
ويقول قيس بن ذريح مصورا عجزه عن نسيان لبنى، وكيف يخونه الصبر كلمامرت به ذكراها:
أريد سلوا عن لبنى وذكرها ** فيأبى فؤادي المستهام المتيم
إذا قلت أسلوها تعرض ذكرها ** وعاودني من ذاك ما الله أعلم
صحا كل ذي ود علمت مكانه ** سواي فإني ذاهب العقل مغرم
ويقول أيضا مصوراً محاولاته السلوان، وكيف ترده عنها نفسه الوالهة ودموعه المهراقة، حتى لتصبح هذه المحاولات تكليفا لنفسه فوق ما تطيق.
ففي أعماقه نار لا تكف عن التأجج والتوهج :
وحدثتنى يا قلب أنك صابر ** على البين من لبنى فسوف تذوق
قمت كمدا أو عش سقيما فإنما ** تكلفني ما لا أراك تطيق
إذا أنا عزيت الهوى أو تركته ** أنت عبرات بالدموع تسوق
كأن الهوى بين الحيازيم والحشا ** وبين التراقي واللهاة حريق
أريد سلوا عنكم فيردنى ** عليك من النفس الشعاع فريق

ورحل بها زوجها إلى المدينة، وكأنما شاءت الأقدار أن تقرب لبنى من قيس لتزيد من ندمه وأسفه وحسراته.
واشتد جزع قيس، ولم يلبث أن استطار عقله ولحقه مثل الجنون ، وضاقت السبل فى وجهه، ثم خطر له أن يلجأ إلى يزيد بن معاوية ليتوسط له عند أبيه حتى يلغي أمره السابق بإهدار دمه. ونجحت وساطة يزيد، وعفا معاوية عن قيس، فعاود زيارة لبنى.
وانتشر أمر قيس في المدينة، وغنى في شعره مغنوها ومغنياتها، فلم يبق شريف ولا وضيع إلا سمع بذلك فأطربه وحزن لقيس مما ألم به.
وقد روى الأصفهاني في كتابه "الأغانى" أن أشعار قيس لحنها الملحنون وغناها المطربون فاشتهرت وذاع صيتها حتى سمع بها زوج لبنى وساءت العلاقات بينهما ، فثار عليها، لكنها لم تعبأ بثورته وطالبته أن يطلقها إن شاء .
ولكن الزوج أدرك ألا خطأ لها ولا ذنب، فهدأت ثائرته، ويقال أنه أراد أن يصلحها فأحضر الجواري من المدينة ليغنين لها أشعار قيس !
وعادت الأمور تتعقد في وجه قيس مرة أخرى، وازدادت همومه وأعباؤه، وأخذت صحته في الانهيار، والأسقام تلح عليه إلحاحاً عنيفاً.
يقول تارة :
إذا ذكرت لبنى تأوه واشتكى ** تأوه محمود عليه البلابل
يبيت ويضحي تحت ظل منية ** به رمق تبكي عليه القبائل
قتيل للبنى صدع الحب قلبه ** وفي الحب شغل للمحبين شاغل
ويقول تارة أخرى :
سلا كل ذى شجو علمت مكانه ** وقلبى للبنى ما حييت ودود
وقائلة قد مات أو هو ميت ** وللنفس مني أن تفيض رصيد
أعالج من نفسي بقايا حشاشة ** على رمق، والعائدات تعود
فإن ذكرت لبنى هششت لذكرها ** كما هش للثدي الدرور وليد
أجيب بلبنى من دعاني تجلدا ** وبي زفرات تنجلي وتعود
تعيد إلى روحي الحياة، وإنني ** بنفسي لو عاينتني لأجود

حكاية لبنى تختلف كثيراً عن صاحبتيها ليلى وبثينة، فالقدر هو الذي فرق بينها وبين قيس بن ذريح، ولم يكن بوسعها أن تفعل شيئا وليومنا هذا مازال الاتهام يحاصر الزوجة أولا إذا لم تنجب، فإذا ثبت أن الزوج هو السبب نصحت بأن تضحي من أجله وتبقى معه، أما إذا ثبت أن الزوجة هى العاقر فلا أحد يطالب الزوج بأي تضحية، ويصبح من حقه أن يتزوج عليها أو أن يطلقها .
وحكاية الأصفهاني تدل على أن لبنى لم تسلم قلبها للزوج الثاني الذي فرض عليها فرضاً، وظلت حزينة مجروحة الفؤاد تبكي بحرقة كلما تذكرت قيسا، أو كلما سمعت أشعاره الحزينة ترددها الجواري في مجالس الغناء .

ثم تكون النهاية التي اختلف الرواة حولها، فمن قائل إن زوجها طلقها فأعادها قيس إلى عصمته ولم تزل معه حتى ماتا، ومن قائل إنهما ماتا على افتراقهما، وعلى ذلك أكثر الرواة.
ثم يختلفون بعد ذلك، فمنهم من يقول إنه مات قبلها وبلغها نعيه فماتت أسفا عليه، ومنهم من يقول إنها ماتت قبله، فخرج ومعه جماعة من أهله، فوقف على قبرها،ثم أكب عليه وظل يبكي حتى أعمى عليه، فحملوه إلى بيته وهو لا يعي شيئاً، ولم يزل عليلا لا يفيق ولا يجيب حتى مات بعد ثلاثة أيام، ويقال أنه فقد عقله، وظل طريح الفراش حتى لحق بها، فدفن إلى جوارها .
وهي أكثر الروايات وأرجحها فقد بكاها قيس وأنشد على قبرها هاته الأبيات التي نسبت إليه :
ماتت لبنى فموتها موتي هل ** تنفعن حسرتي على الفوت
وسوف أبكي بكاء مكتئب ** قضى حياة وجدا على موت

وبهذه النهاية أسدل الستار على مأساة أخرى من مآسي الحب العذري.

وإذا كانت مأساة قيس بن ذريح ولبنى تمثل شيئاً من الخروج على هذا التشابه، فإن الإطار العام الذي دارت في داخله أحداثها يوشك أن يكون نفس الإطار الذي دارت فيه سائر المآسي الأخرى.
عاشقان يحب كل منهما صاحبه إلى درجة الجنون، ثم عقبات تعترض طريق سعادتهما فتفرض عليهما الشقاء والحرمان، ثم موت يطويهما، وستار حزين يسدل على المأساة، وذكريات تبقى، وشعر يخلد، ورمال البادية المتحركة تطوي في أعماقها أسرارا، وتكشف أسرارا أخرى.

وهكذا لم يستطع تحكم الأهل ولا سيطرة العرف والتقاليد، ولا احتجاب لبنى عن حبيبها، أو ابتعادها أو زواجها من رجل آخر أن يحملوا قيسا على نسيانها .
بل لعل هذه الأمور مجتمعة كانت وقودا أشعل نار الحب في قلب شاعرنا .
وجعلها تزداد اضطراما مع الأيام، كما كانت جذوة ألهبت موهبته فانطلق يقول أعذب الشعر .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاطف
عضو مميز
عضو مميز



عدد الرسائل : 185
العمر : 31
السٌّمعَة : 0
نقاط : 197
تاريخ التسجيل : 23/03/2009

تتمة قيس ولبنة Empty
مُساهمةموضوع: رد: تتمة قيس ولبنة   تتمة قيس ولبنة Emptyالأربعاء مارس 25, 2009 5:03 am

مشكور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تتمة قيس ولبنة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تتمة قيس ولبنة
» تتمة جميل وبثينة
» الالياف الغذائية ...أنوعها وفوائدها الصحية..تتمة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ملائكة القلوب :: القسم الأدبي :: قصص و روايات-
انتقل الى: