أصبح تعويد الأطفال على تناول الطعام الجيد واتباع نظام غذائي صحي، واحدا من اكبر التحديات التي تواجه الوالدين.
وازداد الوضع تعقيدا بتأثر الأطفال تأثرا قويا بالتلفزيون وإعلانات الغذاء في المجلات والراديو، ووسائل الإعلام الأخرى التي تغري الأطفال، في صمت، لشراء المواد الغذائية والمشروبات الجديدة، التي تعرف الآن باسم «المأكولات السريعة».
قيمة غذائية محدودة وتعرف المأكولات السريعة بأنها الأطعمة التي تحضر بكميات كبيرة، وعادة تكون ذات قيمة غذائية محدودة، وتحتوي إما على نسبة كبيرة من الملح، أو السكر، أو الدهون، أو السعرات الحرارية.
وبعض أمثلة المأكولات السريعة تشمل البطاطا المقلية، والحلويات، والوجبات السريعة المقلية (من مطاعم «ماكدونالدز»، و«كنتاكي») والمشروبات الغازية، فهذه هي أمثلة قليلة من كثير من الأغذية التي لها سوق استهلاكية عالية.
نتائج البحوث والدراسات مفزعة ومخيفة على حد سواء، فهي تشير إلى أن الأطفال يأكلون الوجبات السريعة أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يعادل 8 قطع شوكولاته يوميا.
وفي مسح أجرته وكالة معايير الأغذية البريطانية في عام 2000، وجد أن 70 في المائة من أطفال المدارس الابتدائية يشربون بانتظام المشروبات الغازية، ويستهلكون ما معدله 30 كوبا منها في الأسبوع، بينما وجد مسح أجري في أميركا في عام 2004 أن نحو ثلث الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 إلى 19 سنة يأكلون الوجبات السريعة كل يوم، مما يسفر عن زيادة وزن كل طفل بنحو 3 كيلوغرامات إضافية سنويا، كما أن استهلاك الوجبات السريعة قد تضاعف خمس مرات منذ عام 1970.
ما هي الآثار المترتبة على المأكولات السريعة على الأطفال؟ ارتبط تناول المأكولات السريعة بالسمنة، وأمراض القلب، والسكري، واضطراب النوم ـ مثل sleep apnoea (انقطاع التنفس أثناء النوم) ـ وتسوس الأسنان لدى الأطفال.
كما وجدت الأبحاث وجود علاقة بين تناول الوجبات السريعة والوجبات الجاهزة بزيادة معدلات الإصابة بالربو عند الأطفال.
ومن تلك الدراسات دراسة نشرتها المجلة الطبية «ثوراكس»، أشرف عليها البروفسور أنطوني سيتون من جامعة أبردين الاسكتلندية، أجريت في المملكة العربية السعودية، قارنت غذاء 300 طفل في سن 12 سنة لديهم أعراض الربو في مدينة جدة والمناطق المحيطة بها.
ووجدت هذه الدراسة أن تناول الوجبات السريعة عامل كبير في ارتفاع زيادة حالات الربو. الوجبات السريعة تحتوي عادة على سعرات حرارية عالية من الدهون والسكر المكرر، الذي ارتبط مع تلك التي تؤثر في الشرايين (الدهون المهدرجة والمشبعة)، إضافة إلى ارتفاع محتوى الصوديوم (الملح).
حب المأكولات السريعة لماذا يحب أطفالنا المأكولات السريعة؟. إن الوجبات السريعة عادة ما تقدم في صورة جذابة ومغرية للغاية في الإعلانات، وتعبأ وتغلف بألوان جذابة.
وتتفنن صناعة الإعلان في كيفية الوصول إلى الأطفال والكبار بالمثل، من خلال استخدام الأطفال أو الرسوم المتحركة في التلفزيون، والأبطال والمشاهير في الإعلانات، بالإضافة إلى جاذبية اللُّعَب التي تعطَى للأطفال مع وجبات الطعام، فكلها وسائل مبتكرة لجذب الأطفال لشراء وأكل الوجبات السريعة.
وعادة ما تعبأ الوجبات السريعة بطريقة جميلة ومبتكرة. ومعظم الوجبات السريعة أيضا طيبة المذاق وسهلة التحضير، ولذلك تكون مغرية لكثير من الأسر.
سبب آخر يحبب الأطفال في الوجبات السريعة، هو تمكنهم من تناولها أثناء مشاهدة التلفزيون، وهو واحد من عوامل السمنة، فالأطفال يجلسون أمام التلفزيون لساعات، ويتناولون «فيشار الذرة»، والمشروبات الغازية والحلويات.
والواقع أن هذا هو أحد أشكال الترفيه التي يقضي الأطفال الكثير من وقتهم فيها. يجد الآباء أيضا أن الوجبات السريعة، في شكل وجبات الطعام الجاهزة أو التوصيل المنزلي، هي حل سريع وملائم لتناول الطعام، لأنها سهلة جدا، وتحتاج فقط إلى تسخين، مقارنة بطرق الطهي التقليدية التي تحتاج إلى مجهود ووقت.
دور الوالدين ليس سهلا أو موصى به منع أطفالنا من أكل المأكولات السريعة عنوة. في واقع الأمر، استخدام القوة له آثار عكسية، كما هو معروف أن الشيء الممنوع يصبح أكثر متعة.. فالممنوع مرغوب، ولكن ما يمكننا القيام به، هو أننا بحاجة إلى أن نربي أولادنا على التمتع وتقدير الصحة الجيدة والأطعمة الطازجة.
وتوصي معظم الأبحاث بأن يتم ذلك منذ سن الرضاعة. وإذا أعددت طفلك بشكل مناسب، فسيكون أكثر قدرة على انتقاء الخيارات الصحية الصحيحة حول ما يريد تناوله في المدرسة.
كما أن الوالدين بحاجة إلى إدراك ما يتناولونه أطفالهم، وخصوصا على المدى البعيد، لأن الآثار التي قد تترتب على طعامهم يمكن أن تغير حياتهم على المدى البعيد.
وما قد يبدو مفرحا للأطفال، قد تكون له آثار ضارة في المستقبل. كما يقول المثل (ما يزيد عن حده؛ ينقلب إلى ضده).
اقتراحات .. من أجل تناول الأطفال الطعام الصحي 1. يحب التأكد من كمية الملح والسكر والدهون في المواد الغذائية التي تريد شراءها. وحاول تجنب المواد الغذائية التي بها نسب عالية منها.
وعلى سبيل المثال.. محتوى الدهون في الغذاء ينبغي أن يكون أقل من 35 في المائة من مجموع المحتويات كلها، أما كمية الصوديوم الموجودة ضمنها، فينبغي أن تكون أقل من 200 مليغرام يوميا، وكمية السكر يجب أن تقل عن 35 في المائة من المحتوى الكامل للوجبة.
2. لا تتخذ نهجا صارما وتفرض الحظر على جميع الوجبات السريعة، فمن الأفضل محاولة فرز المواد المغذية، استنادا إلى قائمة المكونات والقيمة الغذائية.
فالهدف الرئيسي هو أن يحصل طفلك على التغذية الملائمة والمتوازنة.
3. كن قدوة حسنة، ومارس ما تنادي به، فطفلك لن يصغي إليك إذا كان يرى أنك تأكل ما تمنعه عنه.
4. حاول التركيز على الجانب الإيجابي من عادات أكل طفلك، وليس الجوانب السلبية فقط وما يجب عليه ألا يأكله، ولا تنسَ أن تشجع طفلك وتشيد به عندما يأكل طعاما صحيا.
5. لا تعد أبدا بإعطاء طفلك وجبات سريعة بمثابة مكافأته على ما قام به، فهذا من شأنه تشجيع طفلك علي تناول الوجبات السريعة كعلاج.
6. حاول تشجيع طفلك على شرب الماء والحليب والعصائر الطازجة، بدلا من المشروبات الغازية، أو ذات النكهة.
7. شجع الوجبات العائلية، والجلوس في جماعة لتناول الطعام، على الأقل وجبة واحدة في اليوم.
فعندما يأكل أفراد الأسرة الطعام مع بعضهم بعضا، فإن ذلك سيجعل من وجبات الطعام تجربة ممتعة جدا.
8. بدلا من منع الوجبات الخفيفة الجاهزة، قدم وجبات خفيفة صحية للأطفال، مثل الفاكهة، أو الخضار، أو المكسرات المجففة، بدلا من البطاطا المقلية، أو الشوكولاته.
9. شجع طفلك على ممارسة التمارين الرياضية على الأقل لمدة 15 دقيقة كل يوم.
10. حاول أن تشرك طفلك في طهو الطعام، فالوجبة التي يشارك في إعدادها تشجعه أكثر على تناولها.